+
أأ
-

التعليم الإبداعي.. ضرورة للمعلم والطالب لتحسين الجودة

{title}

آلاء مظهر

عمان– في ظل التطورات والتغيرات في مداخل تطوير التعليم وتأثير وسائل التكنولوجية، يرى خبراء أن التعليم الإبداعي أصبح ركيزة أساسية لتحسين جودة التعليم وتطوير مهارات الطلبة، بوصفه أسلوبا يهدف إلى تجاوز الأساليب التعليمية التقليدية والاعتماد على التفكير النقدي والتحليلي والابتكاري، ما يمكن الطلبة من التفكير خارج الصندوق وحل المشكلات بطرق مبتكرة وإبداعية.
وفي هذا السياق، أكد الخبير التربوي الدكتور محمد أبوغزلة أن التطورات والتغيرات في مداخل تطوير التعليم وتأثير الوسائل التكنولوجية على التعليم، فرضت على الأنظمة التعليمية الاستجابة لهذا التطوير ليشمل جميع عناصر المنظومة التعليمية، ومنها طرق وإستراتيجيات وأساليب التدريس.
وأضاف أبو غزلة إن إستراتيجية التعليم الإبداعي تعد من الأهم بين الإستراتيجيات التي يجب تبنيها الآن في ظل هذه التغيرات؛ لأنها تشتمل على توظيف أساليب وأدوات تعلم مبتكرة ومتعددة تهدف إلى تحفيز وتنمية مهارات الطلبة في الإبداع والتفكير النقدي، كما تشجعهم على البحث والاستكشاف واستخدام الأدوات التكنولوجية بشكل مبتكر في حل المشكلات التي يواجهونها، لاسيما أن التفكير النقدي وحل المشكلات هما جزء لا يتجزأ من عملية التعليم الإبداعي.
ونظرا لدور المعلم باعتباره الحجر الأساس في التعليم، أكد أبوغزلة أهمية تمكينه وتدريبيه على إستراتيجيات وأساليب التعليم الإبداعي، لما لها من دور في تحسين جودة التعليم وتعزيز تجربة الطلبة.
التعليم التعاوني
ولفت أبو غزلة إلى أن إعداد وتدريب المعلمين يمكنهم من استخدام أساليب متنوعة مثل التعلم التعاوني، والألعاب التعليمية، والتعلم القائم على المشاريع، واستخدام تقنيات متعددة مثل الواقع الافتراضي، والتعليم عبر الإنترنت، وأدوات التعلم الرقمية؛ لجذب انتباه الطلبة، ما يساهم في خلق بيئة تعليمية تفاعلية مرنة وداعمة تشجعهم على التفاعل والمشاركة مع المواقف التعليمية التي تتطلبها مهارات القرن الواحد والعشرين، والتي تتماشى مع احتياجات سوق العمل المعاصر، ومواكبة التحولات السريعة لتحقيق النجاح في مجالات متعددة تركز على الابتكار والإبداع وتمكنهم من التغلب على التحديات المستقبلية.
وأوضح ان تبني التعليم الإبداعي في التعليم يعد من الأمور الحيوية التي تسهم في تطوير مهارات الطلبة وتنمية قدراتهم الفكرية وذكاءاتهم المتعددة وتستجيب لأنماط تعلمهم، وتحفزهم على التفاعل مع مختلف الأفكار والآراء بدلا من حفظ المعلومات بشكل تقليدي، لافتا إلى من شأن ذلك أن يؤدي إلى خلق بيئة تعليمية مرنة ومشجعة تساعدهم في التعامل مع المشكلات التي قد تواجههم في حياتهم الشخصية والمهنية مستقبلا بشكل فردي وجماعي، وتقديم حلول جديدة وغير تقليدية في مجالات مختلفة.
وأضاف إن التعليم الإبداعي لا يقتصر على نقل المعلومات فقط، بل يعزز قدرة الطلبة على التفكير واستكشاف أفكار ومفاهيم جديدة خارج الإطار التقليدي، وبالتالي اتخاذ قرارات مدروسة في مختلف مجالات حياتهم تمكنهم من التكيف مع التغيرات السريعة في العالم المعاصر.
وشدد على أهمية أن يمتلك المعلمون مهارات التعليم الإبداعي لتحفيز الطلاب وتعزيز تجربتهم التعليمية، فالمعلم الذي يمتلك مهارات التعلم الإبداعي يكون قادرا على تصميم دروس وأنشطة مبتكرة تشجع الطلبة على التفكير النقدي، وحل المشكلات بطرق جديدة، كما تساعده في إيجاد بيئة تعليمية مرنة وآمنة يشعر فيها الطلبة بحرية التعبير عن أفكارهم وتجربة حلول مختلفة للمشكلات التعليمية التي يواجهونها في المواقف التعليمية والحياتية.
بالإضافة إلى أنها تعطي المعلم فرصة أكبر لاستخدام تقنيات وأساليب متنوعة، مثل التكنولوجيا الحديثة والعصف الذهني لجعل التعلم أكثر جذبا وفاعلية، وبما يسهم في تلبية احتياجات الطلاب المتنوعة وتحفيزهم على الاستكشاف والتفاعل، وبالتالي تعزيز تحصيلهم الأكاديمي والاجتماعي والشخصي وتحسين جودة التعليم بشكل عام.
وعلى إدارات المدارس، بحسب أبوغزلة، تبني التعليم الإبداعي من خلال العمل على  تطوير أساليب التدريس لدى المعلمين، وتقديم بيئة تعليمية تشجع على الابتكار والتفكير النقدي، وتشجيع المعلمين على استخدام تقنيات متنوعة مثل المشاريع التفاعلية، والعصف الذهني، والألعاب التعليمية التي تتيح للطلاب التفكير بشكل مستقل وتقديم حلول مبتكرة، إلى جانب توفير التجهيزات التقنية لإتاحة الفرصة للمعلمين لدمج التكنولوجيا الحديثة في الصفوف الدراسية لتعزيز الإبداع مثل استخدام التطبيقات التفاعلية.
واقترح إنشاء منصات تعليمية تشجع الطلبة على التفاعل والمشاركة، وتبادل الآراء، علاوة على ذلك ينبغي على الإدارات المدرسية تنظيم الأنشطة المنهجية التي تشجع على التفكير، كما يجب على إدارات المدارس التعاون مع إدارات التعليم والوزارة لتوفير تدريب مستمر للمعلمين على أساليب التعليم الإبداعي وتقديم الدعم اللازم لهم، ما يضمن تطبيق هذه الأساليب بشكل فعال.
ودعا إلى توفير المتطلبات الأساسية لتبني تطبيق التعليم الإبداعي لضمان نجاحه وفعاليته، من خلال وضع سياسات تعليمية تشجع على تبني أساليب التدريس الإبداعي، والتعاون مع المركز الوطني للمناهج لتطوير المناهج الدراسية لتشمل أنشطة وأساليب تتناسب مع احتياجات الطلبة، وتشجع على التفكير النقدي والتحليلي والتوسع فيها لتتيح للطلبة والمعلمين فرصا للتعبير عن أفكارهم بشكل مبتكر.
ابتكار ومرونة
بدورها، رأت الخبيرة التربوية الدكتورة نجوى القبيلات أن التفكير الإبداعي يعرف بأنه القدرة على الخروج بأفكار جديدة وغير تقليدية لحل المشكلات واتخاذ القرارات.
وأضافت قبيلات إن هذا النوع من التفكير يعتمد على الابتكار، والمرونة، والتجربة، والتفكير خارج الصندوق بدلاً من اتباع الأساليب النمطية والمألوفة، لافتة إلى أن هذا النمط من التفكير لا يقتصر على المبدعين أو الفنانين، بل هو مهارة يمكن تطويرها لدى أي شخص من خلال الممارسة والتدريب والانفتاح على الأفكار الجديدة.
وأوضحت أن التفكير الإبداعي يختلف عن التفكير التقليدي بكونه يعتمد طرقا غير مألوفة وليست ثابتة، بل يمتاز بالمرونة ويجرب أفكارا غير مؤكدة النتائج، ويقبل الفشل كجزء من التعلم، فهو يشجع على التعلم من الأخطاء والتجربة المستمرة على عكس التفكير التقليدي الذي يتجنب المخاطرة ويتمسك بما هو مضمون، كما يعتمد التفكير الإبداعي على التفكير البصري والخيالي والربط بين الأفكار المختلفة.
وتتمثل أهمية التفكير الإبداعي في التعليم، بحسب قبيلات، في تنمية مهارات التفكير الناقد، وتعزيز المشاركة والتفاعل، إذ يجعل العملية التعليمية أكثر جذبًا وتحفيزًا، ما يزيد من مشاركة الطلاب وتفاعلهم، ويتيح لهم تطبيق المعرفة بطرق عملية، ويعزز مهاراتهم في مواجهة التحديات وحل المشكلات، علاوة على تطويره مهارات الاتصال والتعاون وتشجيع العمل الجماعي والمناقشات المفتوحة، ما يساعد في بناء شخصيات مستقلة وواثقة، ويتيح اكتشاف المواهب والقدرات الفريدة لدى الطلبة.
ونوهت بأن المعلمين اذا نجحوا بتطبيقه بشكل فعّال فإنه يحسن جودة التعليم ويحقق نتائج إيجابية على مستوى الطلبة ومجتمعاتهم، إذ يسهم بجعل الطالب شريكا حقيقيا في العملية التعليمية، وذلك من خلال توظيف التكنولوجيا في التعليم، وتفعيل بعض الإستراتيجيات التي تعزز دور الطالب، مثل التعلم القائم على المشاريع، وتكليف الطلبة بمشاريع بحثية أو تطبيقية تعمل على تعزيز مهاراتهم العملية وتحفز الإبداع لديهم، إضافة إلى توظيف الفنون والرسم والدراما في عملية التعليم.
حداثة تعليمية
من جانبها، رأت الخبيرة التربوية الدكتورة حنان العمري أن التعليم التقليدي الذي يعتمد على التلقين والحفظ لم يعد كافيا في ظل التغيرات السريعة التي يشهدها العالم، بل أصبح من الضروري تبني أساليب تعليمية حديثة تركز على الابتكار والتفكير النقدي، حيث برز التعليم الإبداعي كنهج حديث يسعى إلى تطوير مهارات الطلبة، ويعزز قدراتهم على التعلم بطريقة أكثر فاعلية وتفاعلا، ما يرفع من جودة العملية التعليمية ويجعلها أكثر توافقا مع احتياجات القرن الواحد والعشرين.
وبينت العمري أن التعليم الإبداعي هو أسلوب ونهج يهدف إلى تعزيز مهارات التفكير النقدي والابتكار، من خلال تشجيع الطالب على التفاعل مع المعرفة بطرق غير تقليدية، حيث يعتمد على أساليب مثل التعلم القائم على المشاريع، والتعلم من خلال التجربة والاكتشاف، ما يمكن الطالب من تطوير مهاراته العملية والتطبيقية، مشيرة إلى أن التعليم الابداعي لا يقتصر على المواد الدراسية فقط بل يشمل تطوير مهارات الطلبة مثل حل المشكلات، والتواصل الفعال، والتكيف مع التغيرات السريعة في بيئات العمل والحياة.
وأكدت ضرورة أن يركز التعليم في القرن الواحد والعشرين، على إعداد الطالب لمتطلبات العصر الحديث، حيث لم تعد المهارات التقليدية كافية لضمان نجاح الأفراد، كما يعتمد الاقتصاد الحديث بشكل متزايد على المعرفة والابتكار، لذا فإن القدرة على التفكير النقدي، وعلى التكيف مع التكنولوجيا والإبداع، أصبحت من المهارات الأساسية التي يجب أن يكتسبها كل طالب.
وقالت إن التعليم الابداعي يسهم بشكل مباشر في تحسين جودة التعليم من خلال تعزيز الفهم العميق للمواد الدراسية بدلا من الحفظ السطحي والتلقين، منوهة بأن هذا النهج يشجع الطالب على البحث والاستكشاف والتفاعل مع المحتوى بطرق أكثر تشويقا، سيما عندما يشارك الطالب في تجربة عملية أو مشروع تعليمي، فإنه يفهم المادة بشكل أعمق، ما يزيد من دافعيته للتعلم ويجعله أكثر قدرة على استيعاب المفاهيم المعقدة.
واعتبرت أن التعليم الإبداعي لا يقتصر على تحسين مهارات الطالب فقط، بل يسهم أيضا في تطوير أساليب التدريس، لاسيما عندما يستخدم المعلمون إستراتيجيات تدريس مرنة وإبداعية.
ولفتت إلى أن التعليم الإبداعي يعتبر أحد أهم العوامل التي تسهم في تحسين جودة التعليم وجعله أكثر توافقا مع متطلبات العصر الحديث، من خلال تعزيز الفهم العميق، وتنمية التفكير النقدي، وتحفيز التعلم الذاتي، وتطوير بيئة تعليمية تفاعلية، بحيث يصبح الطالب أكثر قدرة على مواجهة تحديات المستقبل.